الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وَيُحْتَجُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} وَذَلِكَ عُمُومٌ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ، لَاسِيَّمَا، وَقَدْ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَالَ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْآيَةِ مُرَادٌ بِهَا، فَوَجَبَ فِي الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ بِحَقِّ الْعُمُومِ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسِينَ فَتَكُونَ فِيهَا مُسِنَّةً وَرُبْعَ مُسِنَّةٍ، وَيَحْتَجُّ لِقَوْلِهِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ إثْبَاتِ الْوَقَصِ تِسْعًا فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِالْكَسْرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي فُرُوضِ الصَّدَقَاتِ، أَوْ بِجَعْلِ الْوَقَصِ تِسْعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ خِلَافُ، أَوْقَاصِ الْبَقَرِ، فَلَمَّا بَطَلَ هَذَا، وَهَذَا ثَبَتَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ إيجَابُهُ فِي الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي قِلَابَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: فِي خَمْسٍ مِنْ الْبَقَرِ شَاةٌ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ لِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهِ وَوُرُودِ الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُطْلَانِهِ.وَرَوَى عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ: فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسُ شِيَاهٍ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ: عَلِيٌّ أَعْلَمُ مِنْ أَنْ يَقُولَ هَذَا، هَذَا مِنْ غَلَطِ الرِّجَالِ.وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْآثَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَنَّ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخَذَ خَمْسَ شِيَاهٍ عَنْ قِيمَةِ بِنْتِ مَخَاضٍ فَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّ ذَلِكَ فَرْضُهَا عِنْدَهُ.وَاخْتُلِفَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا: تَسْتَقْبِلُ الْفَرِيضَةَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ.وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: إذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَةٌ فَالْمُصَّدِّقُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَإِنْ شَاءَ حِقَّتَيْنِ.وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ إلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَتَكُونُ فِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ، يَتَّفِقُ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَمَالِكٍ فِي هَذَا وَيَخْتَلِفَانِ فِيمَا بَيْنَ وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ: مَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ، وَالْمِائَةِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَذْهَبِهِ اسْتِئْنَافُ الْفَرِيضَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَالْعِشْرِينَ بِحَيْثُ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ،، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ أَخَذَ أَسْنَانَ الْإِبِلِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا إلَّا مَا عِنْدَ النَّاسِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا فِيهَا؟ فَقَالَ: فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ أَخَذْتهَا عَنْ النَّبِيِّ.صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَّا ثَبَتَ قَوْلُ عَلِيٍّ بِاسْتِئْنَافِ الْفَرِيضَةِ وَثَبَتَ أَنَّهُ أَخَذَ أَسْنَانَ الْإِبِلِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارَ ذَلِكَ تَوْقِيفًا لَازِمًا لَا يُخَالِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَيْضًا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ اسْتِئْنَافُ الْفَرِيضَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَالْعِشْرِينَ.وَأَيْضًا غَيْرُ جَائِزٍ إثْبَاتُ هَذَا الضَّرْبِ مِنْ الْمَقَادِيرِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ التَّوْقِيفِ، أَوْ الِاتِّفَاقِ، فَلَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْحِقَّتَيْنِ فِي الْمِائَةِ، وَالْعِشْرِينَ وَاخْتَلَفُوا عِنْدَ الزِّيَادَةِ لَمْ يَجُزْ لَنَا إسْقَاطُ الْحِقَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْضٌ قَدْ ثَبَتَ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، أَوْ اتِّفَاقٍ.فَإِنْ قِيلَ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آثَارٍ كَثِيرَةٍ: «وَإِذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ».قِيلَ لَهُ: قَدْ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُ، فَقَالَ فِي بَعْضِهَا: وَإِذَا كَثُرَتْ الْإِبِلُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِبِلَ لَا تَكْثُرُ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا زَادَتْ الْإِبِلُ إلَّا زِيَادَةً كَثِيرَةً يُطْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا أَنَّ الْإِبِلَ قَدْ كَثُرَتْ بِهَا، وَنَحْنُ قَدْ نُوجِبُ ذَلِكَ عِنْدَ ضَرْبٍ مِنْ الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْإِبِلُ مِائَةً وَتِسْعِينَ فَتَكُونُ فِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ.وَأَيْضًا فَمُوجِبُ تَغْيِيرِ الْفَرْضِ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِالْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ فَيُوجِبُ فِيهَا وَفِي الْأَصْلِ، أَوْ يُغَيِّرُهُ فَيُوجِبُ فِي الْمِائَةِ، وَالْعِشْرِينَ وَلَا يُوجِبُ فِي الْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ شَيْئًا، فَإِنْ، أَوْجَبَ فِي الزِّيَادَةِ مَعَ الْأَصْلِ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ فَهُوَ لَمْ يُوجِبْ فِي الْأَرْبَعِينَ ابْنَةَ لَبُونٍ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَهَا فِي أَرْبَعِينَ وَفِي الْوَاحِدَةِ، وَذَلِكَ خِلَافُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يُوجِبُ تَغْيِيرَ الْفَرْضِ بِالْوَاحِدَةِ فَيَجْعَلُ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ فِي الْمِائَةِ، وَالْعِشْرِينَ، وَالْوَاحِدَةُ عَفْوٌ فَقَدْ خَالَفَ الْأُصُولَ، إذْ كَانَ الْعَفْوُ لَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ وَاخْتُلِفَ فِي فَرَائِضِ الْغَنَمِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ: فِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى أَرْبَعمِائَةٍ فَتَكُونُ فِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ.وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: إذَا كَانَتْ الْغَنَمُ ثَلَاثَ مِائَةِ شَاةٍ وَشَاةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ وَشَاةٍ فَفِيهَا خَمْسُ شِيَاهٍ، وَرَوَى إبْرَاهِيمُ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَتْ آثَارٌ مُسْتَفِيضَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ.وَاخْتُلِفَ فِي صَدَقَةِ الْعَوَامِلِ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ: لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ.وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ: فِيهَا صَدَقَةٌ.وَالْحُجَّةُ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ».وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ وَعَنْ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ زُهَيْرٌ: أَحْسَبُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «وَفِي الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ» وَأَيْضًا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ فِي النَّخَّةِ وَلَا فِي الْكَسْعَةِ وَلَا فِي الْجَبْهَةِ صَدَقَةٌ».وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: النَّخَّةُ الْبَقَرُ الْعَوَامِلُ، وَالْكَسْعَةُ الْحَمِيرُ، وَالْجَبْهَةُ الْخَيْلُ.وَأَيْضًا فَإِنَّ وُجُوبَ الصَّدَقَةِ فِيمَا عَدَا الذَّهَبَ، وَالْفِضَّةَ مُتَعَلِّقٌ بِكَوْنِهِ مَرْصَدًا لِلنَّمَاءِ مِنْ نَسْلِهَا، أَوْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَالسَّائِمَةُ يُطْلَبُ نَمَاؤُهَا إمَّا مِنْ نَسْلِهَا، أَوْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَالْعَامِلَةُ غَيْرُ مُرْصَدَةٍ لِلنَّمَاءِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ دُورِ الْغَلَّةِ وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَنَحْوِهَا.وَأَيْضًا الْحَاجَةُ إلَى عِلْمِ وُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِي الْعَوَامِلِ كَهِيَ إلَى السَّائِمَةِ، فَلَوْ كَانَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيفٌ فِي إيجَابِهَا فِي الْعَامِلَةِ لَوَرَدَ النَّقْلُ بِهِ مُتَوَاتِرًا فِي وَزْنِ وُرُودِهِ فِي السَّائِمَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ الصَّحَابَةِ نَقْلٌ مُسْتَفِيضٌ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ النَّبِيِّ تَوْقِيفٌ فِي إيجَابِهَا، بَلْ قَدْ وَرَدَتْ آثَارٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْيِ الصَّدَقَةِ عَنْهَا، مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ وَمِنْهَا مَا رَوَى يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «لَيْسَ فِي ثَوْرِ الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ».وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ نَفْيُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ كِتَابًا فِي الصَّدَقَاتِ: هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِهِ صَدَقَةُ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ فِيهَا شَاةٌ، فَنَفَى بِذَلِكَ الصَّدَقَةَ عَنْ غَيْرِ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ السَّائِمَةَ وَنَفَى الصَّدَقَةَ عَمَّا عَدَاهَا فَإِنْ قِيلَ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ» وَذَلِكَ عُمُومٌ يُوجِبُ فِي السَّائِمَةِ وَغَيْرِهَا.قِيلَ لَهُ: يَخُصُّهُ مَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ يَقُلْ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي إيجَابِهِ الصَّدَقَةَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ أَحَدٌ قَبْلَهُ.
|